ضرورة نشر الاتفاقيات الدولية في الجريدة الرسمية كشرط لسريانها

ما رأيك بما قررته المحكمة الدستورية العليا من ضرورة نشر الاتفاقيات الدولية في الجريدة الرسمية كشرط لسريانها؟

عاصم خليل

12/8/2018

إن اشتراط المحكمة الدستورية العليا نشر الاتفاقيات الدولية في الجريدة الرسمية كشرط لسريانها يقوم على افتراض – أقرته المحكمة نفسها في القرار التفسيري نفسه (للعام 2018) – والذي يعتبر الاتفاقيات الدولية في مرتبة أعلى من القوانين وأدنى من القانون الأساسي. والنشر في الوقت نفسه هو شرط لكي تكتسب هذه الاتفاقيات في النظام القانوني المكانة المشار إليها أعلاه. بمعنى آخر، فإن المحكمة تقر بأن نشر الاتفاقيات الدولية في الجريدة الرسمية سيكون كافيا وحده لكي تكون الاتفاقيات الدولية منشأة لمراكز قانونية بشكل مباشر في النظام القانوني الفلسطيني – ودون الحاجة لآلية أخرى مثل إصدارها من خلال قرار بقانون صادر عن رئيس السلطة أو من خلال قانون صادر عن المجلس التشريعي.

لكن هناك إشكاليات عدة يجب الإشارة لها هنا:

أولاً، إن سريان الاتفاقية الدولية – نتيجة اتمام الشروط الواردة في الاتفاقية الدولية المعنية لا يشمل اتمام أية إجراءات داخلية ضرورية بموجب النظام القانوني الوطني وتقع على الدول مسؤولية استيفاء الإجراءات الداخلية اللازمة بموجب القانون الوطني. وعليه فإن الاتفاقات الدولية سارية الآن في فلسطين بموجب القانون الدولي وإن لم تكن كذلك بحسب ما تدعيه المحكمة (ضرورة النشر كشرط للسريان وهو ما لم يتم).

ثانياً، إن كانت الاتفاقيات الدولية تسمو على التشريعات الوطنية – وهذه هي النقطة الأهم ولكننا تعرضنا لها في مكان آخر – فإن نشر أي اتفاقية دولية سيمنحها مكانة أسمى من القوانين الوطنية. فما ورد في رأي المحكمة التفسيري لم يكن حكرا على الاتفاقيات الدولية متعددة الاطراف أو تلك المرتبطة بحقوق الإنسان. وبالتالي فإن خطورة هذا الطرح هو في حال نشر اتفاقية ثنائية – مثلا مع دولة اسرائيل – فهذا سيمنح هذه الاتفاقية مكانة أسمى من القوانين الوطنية.

ثالثا، في حال نشر الاتفاقيات الدولية في الجريدة الرسمية فإنه وبحسب ما ورد في القرار التفسيري فإن هذه الاتفاقيات ستكون بمرتبة أعلى من القوانين الوطنية. وبالتالي فإنه وفي هذه الحالة لا حاجة لأي تعديلات على القوانين السارية فهي، وفي حال تعارضها مع الاتفاقية الدولية، وبقرار من القاضي الوطني العادي، باختلاف درجاته، تقرر سريان القاعدة الواردة في الاتفاقية الدولية على تلك الواردة في التشريعات الوطنية.

رابعاَ، إن سريان الاتفاقية الدولية في حال نشرها وبحسب رأي المحكمة الدستورية العليا، يعني بأن الإدارة ملزمة بما ورد فيها وبشكل مباشر وإن مخالفة الإدارة لما ورد في تلك الاتفاقية يجعل من تلك القرارات والإجراءات الإدارية غير مشروعة وتحت رقابة محكمة العدل العليا كمحكمة إدارية.

خامساَ، إن نشر الاتفاقية الدولية كشرط للسريان هو قاعدة دستورية جديدة استحدثتها المحكمة الدستورية العليا وهو ليس من اختصاصها استحداث قواعد دستورية جديدة.

سادساً، إن سريان اتفاقية دولية من عدمه ليس من اختصاص المحكمة الدستورية العليا بل هو من اختصاص المحاكم الوطنية. وبالتالي يقع على عاتق القاضي – وتحت رقابة المحاكم العليا – أن تقرر مكانة اتفاقية دولية تمت المصادقة عليها من قبل دولة فلسطين.

 

للتوثيق: عاصم خليل، ضرورة نشر الاتفاقيات الدولية في الجريدة الرسمية كشرط لسريانها، مدونة، 12/8/2018. 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s