في اجتماع مع بعض ممثلي المؤسسات الحقوقية بتاريخ 5/5/2020 أشرت لخمس قضايا أعتقد أنها مهمة وتحتاج لاهتمام خاص في المرحلة القادمة وعدم الاكتفاء بالاعتراض على ما سمي بتجديد حالة الطوارئ. على أمل أن تلتقط المؤسسات الحقوقية أو العاملين بالشأن العام هذه القضايا وتعمل عليها خلال الفترة القريبة القادمة. وهذه القضايا هي:
1. ظاهرة القرارات بقوانين: بالرغم من الموقف المبدئي للبعض بخصوص رفض القرارات بقانون بالمطلق وعدم الرغبة بالتعامل مع أي مشاريع قرارات بقوانين يتم تداولها أو ابداء الرأي حولها، من الضروري أن يتم اتخاذ موقف براغماتي بالتعامل بالجدية اللازمة مع ما يتداول من مشاريع للقرارات بقوانين والعمل على التكاتف لمنع صدور بعضها لما يلحقه من ضرر جسيم على النظام السياسي ككل. من هذا المنطلق التركيز مثلا على الأثر السلبي الذي يلحقه القرار بقانون رقم 5/2020 وعمل حملة لكي يتم الغاؤه قد يكون مبادرة مهمة للمؤسسات الحقوقية. وهذا يتطلب حملة منظمة وممأسسة وأيضاً تظافر جهود الجميع أسوة بما حصل بخصوص القرارات بقوانين رقم 3 و 4 للعام 2020 والتي ألغيت خلال 24 ساعة من صدورها (بانتظار نشر قرار الالغاء في الجريدة الرسمية حيث لم يتسنى لي بعد الاطلاع عليه).
2. قد يكون من المفيد وفي ظل غياب المجلس التشريعي أن نقوم بالدعم باتجاه تبني آليات للتشريع تكون ملزمة وعلى سبيل المثال البناء على ما ورد في القانون رقم 4 / 1995 القرارات بقوانين منذ 2007 – طبعا دائما كان في قرارات بقوانين لا يعلم بها مجلس الوزراء ولكن في المجمل كانت مشاريع القرارات بقوانين تمر من خلال الديوان ومجلس الوزراء وينظر باستغراب إلى أي قرار بقانون لا يتم التنسيب به من خلال مجلس الوزراء خاصة إذا كان القرار بقانون مرتبط بشكل جوهري بما هو اختصاص مجلس الوزراء الأساسي بموجب القانون الأساسي. بمعنى آخر وفي ظل ما سمي حل المجلس التشريعي في العام 2018 وعدم إجراء انتخابات تشريعية حتى الآن يمكن للآليات ما قبل انتخابات 1996 أن تشكل مدخلاً لضمان نوع من المسؤولية في عملية التشريع من خلال القانون أو ما هو في مستواه. دون أن يكون ذلك منفذا للاستمرار في الحالة القائمة بدون انتخابات.
3. بالرغم من التحفظات لدى البعض بخصوص المحكمة الدستورية العليا فإن الطعن أمام الدستورية بخصوص المرسوم بالإعلان الجديد لحالة الطوارئ قد يفيد من حيث إمكانية قيام المحكمة بابطال هذا المرسوم (وإن تم ذلك بعد مرور مدة الثلاثين يوم). فما هو خطير بالاجراء هو البناء عليه في المستقبل بحيث يتم تجاوز فكرة أن الطوارئ حالة مؤقتة ليصبح بالامكان التجديد بما لا نهاية من خلال اتباع نفس هذا الأسلوب. طبعاً هناك خطورة عكسية – أن تقوم المحكمة باعتبار هذا التصرف دستورياً وبهذا يجعل الأمر أكثر تعقيداً. ولكنني أحاول أن أفكر بايجابية وأقول بأن المحكمة قد تتبنى موقفا ينسجم مع القانون الأساسي بحيث تثبت أن القانون الأساسي لم يسمح باعلان حالة الطوارئ بأكثر من 30 يوم قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط. في حال اعلنت المحكمة أن ذلك المرسوم غير دستوري (حتى بعد 5/6/2020) فهذا سيعفينا من امكانية البناء على هذه السابقة الخطيرة للمستقبل.
4. هناك اهتمام بأثر الطوارئ على الحقوق والحريات – ولكن هناك جهود أقل للتفكير في قضايا أخرى جوهرية حول الترتيبات الدستورية الأخرى والتي يتم تعليقها أيضاً باستثناء ما ورد في الباب السابع. على سبيل المثال تم التعليق بشكل صريح في الحالتين السابقتين للطوارئ لإجراءات تشكيل الحكومة (هذا التعليق يعد كاشفا وليس منشئا للتعليق). وهذا لا يتعلق بشكل مباشر بباب الحقوق والحريات. وعليه من المهم الاهتمام بأثر حالة الطوارئ على الترتيبات الواردة في القانون الأساسي الأخرى. مثلا موضوع شغور منصب الرئيس (لا سمح الله) في حال أنه تم أثناء حالة الطوارئ وفي ظل حل المجلس التشريعي. ما الذي سيحصل؟ مهم ألا ننسى بأن الاستقرار ضروري. وضروري أن نفكر اليوم بهذه الحالة وعدم الانتظار إلى حين وقوع الفأس في الرأس. وماذا سيحدث لو غاب الرئيس عن الساحة بشكل مفاجئ. هذا مثال وهناك قضايا أخرى مثلاً موضوع القضاء واستقلاله.
5. هناك ضرورة للاهتمام بالإجراءات والشروط اللازمة للطوارئ وتقييد الحريات بموجب العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية بحيث نهتم كمؤسسات حقوقية بضرورة التزام فلسطين بتلك الاجراءات والقيود لما له من أثر على الحقوق والحريات الأساسية. وبهذا من الضروري اتخاذ بعض الإجراءات الممكنة للضغط على الحكومة للالتزام بالتزاماتنا التعاقدية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
تحديث أول: