الاتحاد الأوروبي وبضائع المستوطنات: قضية مبدأ أم موقف براغماتي؟

من بين ما قام به الاتحاد الأوروبي (المفوضية الأوروبية) قبل عدة سنوات (في العام 2015 بالتحديد) هو الزام اسرائيل بتحديد البضائع التي مصدرها المستوطنات وبالتالي لا تنتفع تلك البضائع من الاعفاءات الجمركية التي تستفيد منها باقي البضائع.  وهو ما اعتبره البعض انتصارا للحقوق والمبادئ. لكنني لا أرى الأمر كذلك. للأسباب التالية:

1) عندما يقوم الاتحاد الأوروبي بذلك فهو لا يطبق القانون الدولي ولا ينتصر للحقوق الفلسطينية بل يقوم بذلك باسم حماية المستهلك الأوروبي.

2) تحديد البضائع التي مصدرها المستوطنات لن يمنع تلك البضائع من دخول السوق الأوروبية كون ذلك في المحصلة معناه فقط عدم الاستفادة من الإعفاءات.

3) إن من شأن ذلك أن يجعل من اسرائل دولة عادية وطبيعية وبضائعها تستفيد من الاعفاءات وكأن المستوطنات (التي تعتبر جريمة دولية) شيء غير مرتبط باسرائيل.

4) إن من شأن ذلك أن يخفف الاحتقان ويريح النفوس في أوروبا بأنهم يقومون بشيء معين لصالح العدالة والحقوق ولكنه ليس كذلك في المحصلة.

صحيح أن من سمعني من المتحمسين لهذا القرار الصادر عن الاتحاد الأوروبي اتهموني بأنني نكد وأرى السلبي في كل شيء إيجابي (مع إنه مش صحيح هذه الإشاعة أبدا) ولكنني أعتقد أن الموضوع مبدئي وليس موضوع براغماتية.

ما رأيكم؟ هل تقتضي البراغماتية أن ندعم مثل هذه الخطوات البسيطة والانتصارات الوهمية للحقوق أم أن نبقي على الوضوح في الرؤية التي أساسها الحقوق بالرغم من كل المعيقات وبالرغم من اعتقاد الكثيرين بأن المبادئ غير قابلة للتطبيق؟

هذه المدونة تم نشرها بتاريخ 23 أيلول 2019 وما زالت قيد التحرير اللغوي. أرجو عدم الاقتباس

تحديث (1) 23 أيلول 2019

وددت نشر هذا التعليق الذي كتبته Ahlam Nassif Shihab تعليقا على منشوري السابق (قضية مبدأ أم موقف براغماتي) بعد أن استأذنتها، لما أعتقد أنها أفكار مهمة من المفيد مشاركتها. شكرا أحلام على وقتك في كتابة هذا الراي:

طرحك مهم جدًا!

أعتقد أن تجربتنا الفلسطينيّة غنيّة بالأمثلة التي تُشير إلى خطورة خياراتنا البراغماتيّة (غالبًا) و”الانتصارات” الوهميّة. ناهيك عن استمرارنا بتوظيف مصطلحات مضللة مثل “الإنجاز التاريخي” لكل حدث وتفريغه من مضمونه.

فيما يتعلّق بموضوع العقوبات، القضيّة الأساسيّة هي الاستيطان. العقوبات المطروحة هي التفاف واضح على جوهر عدم شرعيّة الاستيطان، وتظهره كمشكلة “اقتصاديّة” ذات نكهة أخلاقيّة، ممكن الاستفادة منها أوروبيًّا. إضافة إلى أنها غير مكلفة بشكل جدّي وملموس على الطرف المُعاقَب، لا اقتصاديًّا ولا سياسيًّا. بما معناه، إن أحد أهم أهداف العقاب لم تتحقق.

وإن افترضنا أنها تحققت، ولو بشكل بسيط، فإن الثمن الذي ندفعهه نحن أكبر بمهادنتنا تجاه قضيّة الاستيطان الفاقد للشرعيّة والقانونيّة دوليًّا.

من يقبل بالفتات بسهولة وبدون مسائلة، سيصعب عليه طلب رغيف خبز لاحقًا. فما بالك إن كان يطمح لوجبة  🙂

لن نخسر إن كنّا مبدئيين، ولو هذه المرّة على الأقل، في قضيّة لا خلاف دولي عليها أنها غير شرعيّة وغير قانونيّة بالحد الأدنى.

عقوبات بلا أسنان ومخالب، وتُستثمر لصالح أوروبا بالدرجة الأولى، وتعمّق فقاعة وهمنا.. لا يُعوّل عليها.

تحديث (2) 12 تشرين ثاني 2019

في نفس الاتجاه قامت محكمة العدل الأوروبية في هذه القضية:

Court of Justice of the European Union, Vignoble Psagot Ltd v. Ministre de L’Economie et des Finances, Judgement (Grand Chamber), November 12, 2019, available at this link

بالتأكيد عملياً على ما صدر من تفسير سابق من قبل المفوضية الأوروبية في تفسيرها في العام 2015 بخصوص معلومات الأغذية الواجب توفيرها للمستهلكين بموجب التنظيم الصادر عن الاتحاد الأوروبي رقم 1169/2011.  

قرار محكمة العدل الأوروبية تم الترحيب به من قبل مؤسسة الحق وقامت بربط القرار ونتائجه بما صدر من تفسير عن المفوضية الأوروبية. الرابط للمقالة باللغة الإنجليزية على هذا الرابط

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s