مؤلفة الكتاب صحفية لبنانية هولندية مخضرمة وقامت بعمل رائع في تتبع المنافسة بين ايران والسعودية في التشدد والأصولية. لهذا تسمي الكتاب الموجة السوداء وبالتحديد بعد حدثين متزامنين (في نفس السنة، 1979) في كل من إيران والسعودية، كان لهما أثر كبير على المستجدات اللاحقة في كلا البلدين والمنطقة كما أثبتت من خلال تتبع الأحداث الواردة في الكتاب. من ناحية الثورة الخمينية ومن ناحية أخرى الأحداث في مكة، وهو ما يشار له بالعادة باسم حصار مكة، حيث قامت مجموعة من السلفيين بالسيطرة على المسجد الحرام بالقوة وما تبعه من استخدام العنف مما حدى بالسعودية بإجراء بعض التغييرات الداخلية للتمكن من انهاء التمرد باستخدام القوة والسماح لقوات أجنبية بالمساعدة (قوات خاصة فرنسية) لوضح حد لذلك “التمرد” وإعادة هيمنة آل سعود وسيطرت الحكومة على الحرم المكي.
تدعي الكاتبة بأن هذان الحدثين أديا لتغيرات ما زلنا لليوم نرى نتائجها ليس فقط في إيران وفي السعودية بل وفي العالم العربي. تعطي المؤلفة تفاصيل حول نشأة الجماعات السلفية المختلفة والنشاط الشيعي في المنطقة والذي أدى للتنافس على الهيمنة والسيطرة والتأثير في المنطقة ومما حول الأمر مع الوقت لنزاع طائفي مقيت بين الشيعة والسنة بل ولاحقاً أيضاً بين السنة أنفسهم. تشير المؤلفة في الخاتمة بأن عدم التعرض للدور السلبي الغربي وخاصة للولايات المتحدة لا يعني عدم وجود دور جوهري لهم فيما يحدث من صراعات ونزاعات في المنطقة ولكن هذا الكتاب ركز بالتحديد على دور السعودية وإيران في نشر هذا الفكر الإقصائي والذي ارتبط أيضاً بالتشدد على مساحات جسد المرأة من حيث أصبح هناك تحولات من حيث دور المرأة ومكانتها في تلك المجتمعات والتي انتقلت بفعل تأثير السعودية وإيران لمناطق نفوذهم. استفدت الكثير من قراءة الكتاب لمعرفة تفاصيل عن منطقتنا العربية لم أكن أعرفها من قبل.
صحيح بأن الوضع في المنطقة مثير لليأس لكن الكاتبة تنهي برسالة أمل وتفاؤل خاصة لما لاحظتها في الجيل الشاب الجديد ولتأثير وسائل التواصل الاجتماعي عليه والتي تمكن من تواصل عابر للحدود لم يكن ممكنا في الماضي القريب. تجدر الإشارة إلى أن الكاتبة تتحدث عن قصة شعوب وجماعات ودول من خلال قصص أفراد – ومن خلال البحث على جوجل تعرفت على شخصيات باكستانية وسعودية وإيرانية مؤثرة، بكلا الاتجاهين سواء شخصيات ساهمت في حالة الاقصاء المتبادل والتوجه نحو الأصولية، أو تلك المقاومة لها. كتاب هام جداً وحديث النشر وبالتالي يتعرض لأكثر التفاصيل حداثة في المنطقة. بعض الدول غائبة عن الكتب بشكل شبه كامل – مثلاً قطر. وهو ما أثار استغرابي. كما أن التطورات الحديثة (بعد صدور الكتاب) حول التطبيع مع اسرائيل من قبل بعض الدول العربية يقتضي إعادة النظر في استنتاجات الكاتبة وتحديث ما ورد فيه ويمكن أن يتم من خلال إضافة post scriptum جديد للكتاب.
أخيراً أسعدني أن أستمع بالأمس (22/11/2020) إلى مؤلفة الكتاب، تعرض كتابها بشكل موجز حول أسباب ومبررات وحيثيات كتابتها للكتاب. كما أكدت على أهمية وجود هذه القصص لأشخاص يتم تهميشهم بالعادة عند دراسة المنطقة، وهم بالتساوي رجال ونساء، سنّة وشيعة. بعد العرض تعرضت المؤلفة بالمجمل للمديح من المشاركين الذين قرأوا الكتاب ولكن لم يخلو الأمر من الانتقادات في أحيان أخرى لأن الكتاب، ولغايات التركيز على موضوعه الأساسي، ينسى الكثير من القضايا الهامة في المنطقة. على سبيل المثال، هناك بعض المشاركين الذين رأوا أن غياب تركيا عن التحليل يُنقص الكتاب عنصراً هاماً من العناصر المؤثرة في المنطقة. وهناك من أشار لغياب الولايات المتحدة واسرائيل والتركيز على الدول السبعة وعلى أثر الاسلام السياسي. وهنا أجابت المؤلفة بأن هذا كان خيارا وليس صدفة. فالكتب التي تتعرض لدور هؤلاء في المنطقة كثيرة جداً. لكن ينقص هذا النقاش عن الدور للجماعات المتزمتة العلمانية والإسلامية في الدول المعنية وبالتالي جاء هذا الكتاب ليغطي تلك الثغرة. أخيراً تم التأكيد من طرفها – ومن آخرين من المشاركين (مثل الدكتور مروان المعشر بالتحديد) – على أن التعددية موجودة في العالم العربي والعالم الإسلامي ولكنه يتم اسكاتها ولا يجب فهم نقص التعددية في الواقع على أن سببه ثقافي أو ديني وإنما لوجود قوى (علمانية وإسلامية) أصولية ومتزمتة، تسعى لاسكات المختلف وتلغي التنوع.
للإطلاع على مراجعتي للكتب التي قرأتها حتى الآن ضمن خطتي للعام 2020:
1) The Arab Winter: A Tragedy. By Noah Feldman 2) Homo Deus: A Brief History of Tomorrow, by Yuval Noah Harari3) فلسطين: منظور تنموي جديد للدكتور محمد اشتية
4) The Palestinian Authority in the West Bank, by Pace and Sen. 5) Paul Kahn, Origins of Order, Yale University Press (2019) 6) Why Nations Fail(2012) by Acemoglu and Robinson.7) يوسف زيدان: عزازيل (دار الشروق 2008)
8) وائل حلاق: ما هي الشريعة؟ (2016)
9) يوسف زيدان: النبطي (2010)
10) John Bolton, The Room Where It Happened: A White House Memoir (2020).
11) How to Talk so Kids Will Listen…And Listen So Kids Will Talk(2002).
12) Juan J. Linz: Totalitarian and Authoritarian Regimes (1975, 2000).
13) Assaf Likhovski: Law and identity in mandate Palestine (2006).
14) Francis Fukuyama: Political Order and Political Decay: From the Industrial Revolution to the Present Day (2014).
15) Dimitris Bouris: The European Union and Occupied Palestinian Territories: State-building without a state (Routledge Advances in European Politics, 2014).
16) Antony Anghie: Imperialism, Sovereignty and the Making of International Law(Cambridge University Press, 2012).
17) Neri Zilberand Ghaith al-Omari: State with No Army, Army with No State: Evolution of the Palestinian Authority Security Forces, 1994–2018 (2018).
18) Alan Bryman: Social Research Methods (Oxford University Press, 3rd Edition, 2008).
19) Alaa Tartir and Timothy Seidel (Eds.), Palestine and Rule of Power: Local Dissent vs. International Governance (Palgrave Macmillan, 2019, 247 pages).
20) Edward Said, Orientalism (Vintage book edition, 1979, 25th Anniversary Edition with a new Preface by the Author).
21) Gabi Baramki, Peaceful Resistance: Building a Palestinian University Under Occupation (Pluto Press, 2010, 166 pages without annexes).
The Jewel of Medina: A Novel (2008).
23) Alain Badiou: The Rebirth of History (2012).
24) Lorenzo Veracini: Israel and Settler Society (2006).
25)
26) Yuval Noah Harari: 21 Lessons for the 21st Century (2019).
27) Culture and Resistance: Conversations with Edward W. Said, Interviewed by David Barsamian, Pluto Press (2003).
28) Ronit Lentin. Traces of Racial Exception: Racializing Israeli Settler Colonialism. Bloomsbury Academic (2018).
29) Michael Sandel, Justice: What’s the Rights Thing to Do? (2010).
30) Lisa Downing, The Cambridge Introduction to Michel Foucault (2008)
31) Albert Einstein, About Zionism (1931).
32) Maxime Rodinson, Israel: A Colonial-Settler State? (1973)
asemkhalil.com 