وقع الخيار على هذا الكتاب ليكون آخر كتاب للعام 2020 وأول كتاب أنهي قراءته في العام 2021 ولا أندم على قضائي للأسبوع الأخير من سنة 2020 متأرجحا بين فصول هذا الكتاب الرائع والضخم (حوالي 800 صفحة من الحجم الكبير). لكن، وبالرغم من كبر حجمه، أعتقدت دائماً بأن ما كتب لا يفي الموضوع حقه دائماً وكان بامكانه أن يكتب أكثر حول أي موضوع يتعرض له في أحد فصول الكتاب ال27. فكل فصل في الكتاب يمكن أن يكون موضوع كتاب منفصل – من الصين إلى روسيا ودول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي. لكن الجزء الأكبر من الكتاب ليس على علاقات الولايات المتحدة الخارجية بل عن السياسة الداخلية في الولايات المتحدة سواء في أثر السياسة والنزاعات الحزبية على تحديد ما يمكن لرئيس دولة من تغييرات من جهة أو وضع الأمريكيين من أصول أفريقية في الولايات المتحدة وكيف أن قصة نجاح من هذا النوع – وصول أوباما للحكم كأول رئيس أسود – يمكن أن تشكل نقطة وصول وانطلاق لأجيال قادمة ترى ما تتيحه الولايات المتحدة للجميع بدون تمييز بسبب العرق بالرغم من التأثير المستمر للعرق والأصول الإثنية على السياسات الداخلية والعلاقات الإجتماعية.
ما لفت انتباهي هو المساحة القليلة في الكتاب المكرسة لإسرائيل/فلسطين. فلمن كان يعتقد بمركزية “النزاع” العربي الإسرائيلي أو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أو لعملية السلام بالنسبة للولايات المتحدة سيتفاجئ أن هذا الموضوع يتعرض له باراك أوباما بشكل بسيط وبعدد صفحات بسيط وفقط في الفصل 25 (الصفحة 683!) وقد يدل هذا على أن عملية السلام وموضوع الفلسطينيين واحتلال اسرائيل وعلاقتها مع المنطقة ومع أهميتها إلا أنها تشكل جزء بسيطا جديدا من اهتمامات الولايات المتحدة. لفت انتباهي أيضاً الفصل الأخير والذي يكرسه أوباما ليصف عملية تصفية أسامة بن لادن وتفاصيل العملية.
يتميز هذا الكتاب ليس في وصفه لاحداث تاريخية أعرف معظمها وتابعتها شخصياً أثناء ولاية باراك أوباما الأولى – ولكن فيما يكتبه رئيس الولايات المتحدة حول أسباب القرارات التي اتخذها والتحديات المختلفة التي كانت تحكم ذلك وأيضاً التداعيات المرتبطة بمثل هذه القرارات. كما يتميز أيضاً باعطاء تفاصيل حول دور الرجال والنساء الذين اختارهم لمساندته في عمله وكيف أن عملية القرار بالنسبة له كانت نتاج عمل آخرين يساعدونه على اتخاذ القرار بالطريقة الأفضل من وجهة نظره. من بداية الكتاب علقت في رأسي جملة قالها باراك أوباما في تقديم الكتاب ومفادها بأن الهدف من التفاصيل التي يعرضها في هذا الكتاب هو التأكيد على أن رئاسة الولايات المتحدة هي مجرد وظيفة. وأنه سعيد الآن بالعودة لكونه مواطن عادي. ويقول أيضاً ما معناه بأن هذا هو في المحصلة معنى الديمقراطية.
إن صدور هذا الكتاب في هذا التوقيت بالذات كان موفقا: حيث صدر فقط قبل عدة أسابيع – أي في الوقت الذي جرت فيه الانتخابات وفوز بايدن المتوقع ورفض الاعتراف بالهزيمة (حتى تاريخه). ويغطي الكتاب كيفية وصول أوباما للرئاسة والمحطات الرئيسية في هذه المسيرة ولكنه يغطي فقط السنوات الأولى من فترة رئاسته الأولى. وبالتالي آمل وأتوقع أن يكون هناك كتاب آخر يغطي الفترة الثانية. حيث أن ما يقوم به الرئيس بالعادة بعد أن اطمأن بنجاحه بدورة ثانية بالعادة يكون مختلفا عما يقوم به في الدورة الأولى والتي ينشغل فيها بالتحضير للانتخابات وبالتالي تدخل من بين حساباته عادة عند اتخاذه للقرارات الحكومية تأثير ذلك على فرصه في الفوز بولاية ثانية. كما آمل أن أتمكن من قراءة الكتابين الصادرين عن أوباما قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة.
للإطلاع على لائحة الكتب التي تمت مراجعتها في العام 2021:
1) Barack Obama, A Promised Land (Crown, 2020) (769 pages, endnotes and annexes excluded).
للإطلاع على لائحة الكتب التي تمت مراجعتها في العام 2020 على هذا الرابط.