سرني صدور كتاب مواطن حول الفساد السياسي إعادة النظر في المفهوم، 2021 بمشاركة زملاء أعزاء. يمكن تحميل الكتاب كاملاً على هذا الرابط. كما يمكن تحميل الفصل الذي قمت بإعداده حول الفساد السياسي في فلسطين من منظور مقارن على هذا الرابط.
هذا بعض ما ورد في خاتمة الفصل في كتاب:
“في الحالة الفلسطينية، شكل القانون الأساسي مدخلاً لمأسسة الفساد السياسي دستورياً، في ظل عدم حسمه للكثير من القضايا الهام الاتفاق عليها في أي وثيقة دستورية. وهو ما أتاح للنظام السياسي في المحصلة – بالإضافة لغيرها من الأسباب – للوصول إلى مرحلة من الجمود.”
“رغم التعديلات الدستورية التي تمت في العام 2005، والتي قننت ما تم التوافق عليه بين الفصائل، مثل جعل الانتخابات دورية كل أربعة أعوام، إلا أن الأحداث التي رافقت نتائج الانتخابات التشريعية في العام 2006 والحسم العسكري الذي قامت به حماس في قطاع غزة في العام 2007، أظهرت بما لا يقبل الشك أن ممارسة الفاعلين السياسيين ابتعدت تدريجياً – ولكن جوهرياً – عن مضمون التعديل الدستوري في العام 2005 (من حيث دورية الانتخابات وحل النزاعات بين المتخاصمين من خلال الآليات التي يتيحها القانون الأساسي، بما في ذلك المحكمة الدستورية العليا) والاكتفاء بالاستعانة المنتقاة والشكلية لبعض ما وجد في القانون الأساسي لإسعاف الجهات الرسمية المعنية لقيامها بما ترتأيه مناسباً من وجهة نظرها، سواء للحكم بقرارات لها قوة القانون صادرة عن رئيس السلطة، أو لاستمرار الهيمنة والسيطرة بالقوة، أو من خلال آليات وضعتها حركة حماس في قطاع غزة. وفي الحالتين بقيت الهندسة والنصوص الدستورية أساساً يعتمد عليه من قبل المتخاصمين لاتهام الطرف الآخر بالخروج عما يتيحه الدستور، وبالتالي، اتهام ضمني بالفساد السياسي.”
“ولكن الحديث عن ترتيبات دستورية للسلطة الفلسطينية هو جزء من القصة. فالسلطة ليست دولة مستقلة ذات سيادة. بل هي سلطة حكم ذاتي نشأت نتيجة اتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل – وبقرار من المجلس الوطني/ المركزي. والسلطة ليست دولة فلسطين التي أعلن استقلالها في الجزائر في العام 1988 وليس بالضرورة طريقنا إليها. والفساد السياسي، بحسب هذه الورقة، له مستوى ثان مهم في الحالة الدستورية الفلسطينية: اتفاقيات أوسلو وما تبعها من اتفاقيات اقتصادية وسياسية وقانونية أخرى بين منظمة التحرير الفلسطينية/السلطة الفلسطينية وإسرائيل. كما أن السلطة الفلسطينية باعتمادها شبه الكامل على إسرائيل والمجتمع الدولي لبقائها اقتصادياً سواء من خلال آليات تحويل المقاصة أو من خلال المساعدات الدولية الداعمة للموازنة أو من خلال مشاريع، تجعل من عملية دراسة الفساد السياسي وفهمه في فلسطين في غاية التعقيد.”
“أخيراً، هناك توجه عالمي يقوم على أن ما يريده المواطنون هو الصحيح، على افتراض أن الإنسان يحكمه التفكير العقلاني والإرادة الحرة، وبالتالي، فإن القبول الضمني أو الصريح بما تمارسه سلطات الدولة يجعل تلك الممارسة هي الدستور الصحيح، وليس بالضروة احترامها للقواعد أو المؤسسات الدستورية – سواء كان القبول ضمنياً أو صريحاً. والخبير الدستوري يجد نفسه مضطراً أن يتعامل مع الفساد السياسي المقبول – بل والمطلوب شعبياً – على أنه ببساطة تغيير في الدستور الحقيقي المعاش من قبل الجماعة السياسية وليس الدستور المكتوب في نص معين. بل أن من يتمسك في الدستور المكتوب يكون كمن ينكر بأن السلطة التأسيسية موجودة ومستمرة في الوجود حتى مع تبني الدستور المكتوب. بهذا المعنى فإن الخبراء الدستوريين مزعجون لأنهم يذكرون الحاكم والمحكومين بما لا يرغب أي منهم سماعه.”